"الهدّاف" تُسلّط الضوء على صاحب الهدف التاريخي وقاهر الأنغوليين

بن سالم... ابن القبة ومؤذن الفريق الذي يصنع نجوميته في صمت


سيظل تاريخ 23 أفريل 2011 محفورا في ذاكرة مهاجم مولودية الجزائر زين الدين بن سالم، كيف لا وهو الذي كانت تكفيه الدقائق الإضافية التي أضافها الحكم النيجيري في مباراة فريقه أمام أنتر كلوب الأنغولي لتحقيق ما عجز عنه زملاؤه وتسجيل هدف تاريخي فتح من خلاله أبواب دوري المجموعات على مصراعيها أمام عميد الأندية في إنجاز غير مسبوق، الذي يسمع اسم بن سالم يعتقد أنه من لاعبي الأواسط وقليلون فقط من يعلمون أن صانع ملحمة لواندا أول أمس يوجد مع الأكابر منذ ثلاثة مواسم ولكنه لم يحصل على فرصته رغم الإشادة التي كان يلقاها من المدربين الذين تعاقبوا عليه.






22 سنة وهدفه فيه الجمال، الذكاء والطرافة أيضا



ويعتبر زين الدين بن سالم ابن مدينة القبة أحد خريجي مدرسة الرائد من مواليد سنة 1989، ورغم صغر سنه وقلة خبرته في أدغال إفريقيا إلا أن ذلك لم يمنعه من كتابة اسمه بأحرف من ذهب في قائمة أصحاب الأهداف التاريخية الذين مروا على عميد الأندية الجزائرية. والأكثر من ذلك، فإن هدف بن سالم سيبقى في التاريخ لما فيه من الجمال والروعة التي نشتاق إليها كثيرا في مباريات المولودية أو في مباريات البطولة، حيث رفع الكرة بذكاء وأرسلها إلى الزاوية البعيدة من مرمى حارس الأنتر الذي لم يحرك ساكنا، كما أضحك هذا الهدف كل من شاهده لأن بن سالم كان يعاود ارتداء حذاءه لما جاءته الكرة على طبق.






مر على مدرسة القبة ويؤكد أن مخازني هو من كوّنه في المولودية


رغم أن بن سالم مر على كل الأصناف الدنيا لمولودية الجزائر، إلا أنه في الحقيقة خريج مدرسة رائد القبة التي بدأ فيها مداعبة الكرة مع فريق المدرسة، مرورا بالأصاغر قبل أن يتحول في السنة الثالثة من هذا الصنف إلى المولودية بعد أن نصحه الكثيرين بذلك، وكان المدرب محمد مخازني هو الذي اكتشفه لما كان يدافع عن ألوان الرائد عندما تألق في مباراته أمام المولودية وألح عليه. ورغم أن والديه كانا مترددين في بادئ الأمر وكانا يفضلا أن يبقى ابنهما في فريق حيه، إلا أنه عرف كيف يقنعهما رفقة مخازني أيضا.






تيسان رقّاه، ميشال منحه الفرصة ومع زكري دخل التاريخ


وبعد أن مر على صنفي الأشبال والأواسط في مولودية الجزائر، جاءت الفرصة التي أنتظرها طويلا لتحقيق حلمه مع المدرب البلجيكي تيسان الذي رقّاه لأول مرة رفقة مجموعة أخرى كبيرة من اللاعبين أمثال عمرون، داود، سليماني، بوشامة وعدد معتبر من اللاعبين الذين أصبحوا كوادر الجيل الحالي، ولكن بن سالم لم يحصل على فرصة اللعب مع هذا المدرب وانتظر إلى غاية الموسم الفارط مع الفرنسي آلان ميشال ليحصل على فرصته في مباراة "الداربي" أمام اتحاد العاصمة لما استنجد به لتغطية الرواق الأيسر بعد غياب دراڤ وبابوش حيث اكتشف "الشناوة" هذا اللاعب لأول مرة وأدى يومها مباراة مقبولة جدا. أما على الصعيد القاري فلعب أول مباراة له أمام ريال بانڤي بعد أن أصيب بابوش في أول ربع ساعة وعوّضه بامتياز.






متدين، أخلاقه عالية ومحبوب جدا عند زملائه


ويبقي زين الدين بن سالم من طينة اللاعبين الذين لا يحبون الأضواء كثيرا ولا تجده يتحدث لوسائل الإعلام إلا نادرا، وحتى وسط المجموعة لا يتكلم كثيرا ولا تسمع صوته إلا لما يحين وقت الصلاة لما تجده مسرعا لرفع الأذان أينما يحل الفريق ويرتحل وكان يؤم زملائه في الصلاة قبل مجيء زكري، فهو من اللاعبين المتدينين الذين يحاولون قدر المستطاع تطبيق ما يمليه علينا ديننا الحنيف وهذا ما جعله أقرب إلى قلب زكري، وحتى رفاقه يحبونه كثيرا ويحترمونه لأنه لم يسبق وأن تشاجر مع أي لاعب أو تسبب في مشكلة داخل الفريق.






زكري: "كنت أتوقع أن الخير سيأتي من قدمي بن سالم الذي ذكرني بـ قديدر"


وفي تعليقه عن الهدف التاريخي الذي سجله بن سالم قال: "رغم أن كل اللاعبين مثل أبنائي، إلا أن بن سالم هو الأقرب إلى قلبي لقد لمست فيه براءة منذ التحاقي بالمولودية ولما ناديته ليدخل مكان مقداد كان ينتابني شعور أنه سيحدث أمر ما في المباراة رغم أن الوقت كان ضدنا. أظن أن الطريقة التي سجل بها بن سالم تؤكد أن الله كان معه فيها وكافأه على إيمانه وصبره. هذا الهدف ذكرني بهدف مشابه سجله لاعب شاب آخر اسمه قديدر الموسم الفارط لما كنا في سطيف لما أقحمته في آخر دقيقة أمام البليدة وكنا متعادلين يومها صفر مقابل صفر والضغط كان شديدا علينا. لقد توجه مباشرة إلى منطقة العمليات وفي أول لمسة للكرة برأسية جميلة وضعها في الشباك بعد ركنية بوعزة، لذلك تجدني أتفاءل دائما بالشبان".






بن سالم: "هذا الهدف نسخة طبق الأصل لهدفي مع المنتخب المدرسي في الأردن"


أكد بن سالم أن هذا هو الهدف الأغلى في مشواره، ولكن سبق له أن سجل أهدافا أخرى مثله في الفئات الشبانية حيث قال: "كنت في بادئ الأمر أنوي أن أمرر الكرة إلى يوسف سفيان أو دراڤ لكن وبعدما لم أجدهما أمامي قررت أن أقذف الكرة والحمد لله أنني وفقت وسجلت هدفا ثمينا جدا... إنه هدف نسخة طبق الأصل للهدف الذي سجلته مع المنتخب المدرسي في الأردن بمناسبة الألعاب المدرسية العربية وأتمنى أن يكون مفتاحا لأهداف أخرى".