بعد الاستقبال الرائع الذي خصت به إدارة الترجي التونسي بعثة المولودية لدى نزولها بمطار قرطاج الدولي، وجد وفد العميد مفاجأة غير سارة عند وصوله إلى مدينة قمرت الساحلية، وبالضبط بفندق المرادي ذي النجوم الخمس الذي اختاره التوانسة مقرا لإقامة وفد المولودية،
حيث أحدث هذا الفندق أزمة حقيقية بين مسؤولي مولودية الجزائر الذين تنقلوا إلى تونس وممثل الترجي، بعدما احتج الوفد الإداري الذي رافق الفريق وبشدة على الفندق الذي يعج بالسواح، وأكدوا أن خيار فندق المرادي كان مقصودا ويدخل في إطار الحرب النفسية التي يشنها مسؤولو الترجي قبل 48 ساعة فقط عن موعد المواجهة.
وكادت الأمور أن تأخذ منعرجا آخرا ويحدث ما لم يكن في الحسبان، لولا تدخل مدير الفندق الذي وعد بتحسين الأوضاع منذ نهار أمس حسب الوعد الذي قطعه لبن شيخه ومسؤولي العميد.
أجواء عطلة في الفندق وكأن الأمر لا يتعلق بمباراة في كرة القدم
وحتى نضع أنصار مولودية الجزائر من قرائنا الأوفياء في صورة الفندق الذي اختارته إدارة الترجي لوفد المولودية، فإنه فندق بمواصفات عالمية ويقدم خدمات راقية، كما يمتاز بسمعة طيبة في تونس وخارجها، لكن للأمانة فإن أجواء فندق "المرادي قمرت" هي أجواء عطلة، وليس ذلك الملائم للتركيز والتحضير على مباراة هامة أمام منافس من عيار الترجي التونسي، والتي تعد خيط الأمل الوحيد الذي يتمسك به الجميع في مولودية الجزائر للمحافظة على حظوظ التأهل إلى المربع الذهبي.
حركة كثيفة، موسيقى صاخبة وحفلات زواج حتى الصباح
وعكس فندق "ميرديان" الذي اختاره مسؤولي الأهلي المصري لوفد المولودية في زيارتهم الأخيرة إلى القاهرة في شهر رمضان، أين كان هادئا تماما وحتى الموسيقى التي تنبعث منه خفيفة وموجودة في كل فنادق العالم، فإن فندق "المرادي قمرت" الذي تربص فيه وفاق سطيف لمدة أسبوعين وغادره ليلة العيد فقط يشبه في أجوائه الملاهي الليلة، فأول ما يصادفك عند الدخول الموسيقى الصاخبة التي تنبعث من مكبرات الصوت بطريقة تجعل النوم مستحيلا قبل الساعة الثالثة صباحا، وذلك في إطار السهرات الصيفية التي ينظمها الفندق لزبائنه، كما أنه يعج بالسواح من مختلف الجنسيات (خاصة الليبيين) والحركة به كثيفة، والأكثر من ذلك فإن اليوم الأول لوفد المولودية شهد احتضان الفندق حفل زفاف أين تواصل الضجيج إلى غاية الساعات الأولى من صبيحة أمس.
اللاعبون "ما فهموا والو" وتخوفوا من أن يفقدوا تركيزهم
وحسب ما اكتشفناه من خلال تواجدنا هنا بمدينة قمرت الساحلية إلى جانب اللاعبين، هو أن اختيار مسؤولي الترجي فندق كهذا مكانا لإقامة العميد لم يعجب أغلبية اللاعبين وفاجأهم كثيرا، إذ لم يفهموا سر اختيار هذا الفندق بالذات رغم أن تونس تحتوي على فنادق فخمة من العاصمة إلى قمرت.
ورغم أن زملاء القائد بابوش تيقنوا أن ما يحدث هو جزء من مسلسل الحرب النفسية التي يمارسها مسؤولي الترجي، إلا أن ما يخشوه هو أن يتأثروا بالضجيج الذي يشبه ضجيج أسواق الجملة كما أكده أحد اللاعبين، ويفقدون تركيزهم خاصة ليلة المواجهة التي تتطلب التحضير في هدوء وصمت.
مغربي "خلطها" على مسير الترجي وطالبه بإيجاد حل أو تغيير الفندق
رفض مسؤولي مولودية الجزائر الموجودين هنا في تونس أن يمروا مرور الكرام على ما يحدث، خاصة المسير بوعلام مغربي الذي ثارت ثائرته سهرة أول أمس، وظل يوبخ مسؤول الترجي التونسي الذي كلفه الرئيس حمدي المدب للسهر على راحة وفد المولودية، حيث أكد له أن ما قاموا به يعتبر نوعا من التقصير في حق الضيوف ونكران للجميل، كما طالبه بإيجاد حل قبل منتصف نهار أمس أو تغيير الفندق، حتى لو تطلب الأمر أن تتكفل إدارة العميد بدفع الفارق بين سعر الفندقين إذا لم يجد لهم حلا ولم تتحسن الظروف.
دريدي خميس (مسير الترجي): "حتى نحن وجدنا نفس الأجواء في الماركير ولم نحتج"
والغريب في الأمر أن مسؤول الترجي الذي وبخه مغربي رفض أن يعترف بالخطأ الذي ارتكبته إدارة فريقه في حق مسؤولي العميد، الذين خصوا وفد الترجي الذي تنقل إلى الجزائر بعناية خاصة ووضعوا أشقاءهم في أفضل الظروف، وراح يدافع بشدة ويؤكد أن ما يقوم به مسؤولي العميد "شونطاج" لا أكثر ولا أقل، وخاطب مغربي قائلا: "لا أدرى لماذا تضخم الأمور رغم أننا عشنا نفس الأجواء في الجزائر ولم نقل شيئا، وجدنا الفندق مكتظ وبه حركة كبيرة، كانت هناك أعراس..."، وهنا قاطعة مغربي الذي أكده له أن الأمور مختلفة تماما في فندق الماركير، وأن قاعة الحفلات بعيدة كثيرا عن الغرف التابعة للفندق.
بعض الأطراف تحمل المسؤولية لطافات وعبد الوهاب لأنهما عاينا الفندق قبل وصول الوفد
وإذا كان أغلب مسيري العميد قد حملوا المسؤولية لمسؤولي الترجي التونسي، واعتبروا ما حدث خطوة من مخطط الحرب النفسية، فإن بعض أعضاء الوفد حملوا المسؤولية للثنائي طافات وكمال عبد الوهاب لأنهما سبقا الوفد إلى تونس بـ 24 ساعة كاملة، وقضيا ليلتهما في الفندق، لكنهما لم يحتجا عليه أو ينقلا أجواءه إلى غريب حتى يعرفوا كيف يتصرفون، وقد دافع طافات عن نفسه بشدة وأكد لنا أنه تحفظ منذ البداية، لكن مدير الفندق خدعه وأكد له أن الأمور ستتغير.
...والبعض الآخر يؤكد أن بن شيخة يعرفه جيدا وهو من وافق عليه
كما وجه البعض الآخر من الأقلية سهام الإتهام إلى المدرب الجديد عبد الحق بن شيخة الذي كان أول من وافق على فندق المرادي قمرت، وأكد للمسؤولين أنه المكان المناسب للتحضير لمباراة من هذا الحجم، إذ سبق له وأن زاره مع فريقه التونسي النادي الإفريقي، لكن النقطة التي خادعت بن شيخة هي أنه لم يزر ربما المرادي في هذه الفترة التي أصبحت الوقت المفضل لأغلبية الأشخاص لقضاء عطلتهم، وتختلف تماما عن جو الفندق في فصل الشتاء.
بجاية حضرت في المرادي منذ سنتين فجمعت نقطة واحدة في ست جولات
وما يثبت فعلا أن فندق المرادي قمرت ليس مكانا يتربص أو يقيم فيه الرياضيين أو نوادي كرة القدم بالتحديد، خاصة لما يتعلق الأمر بمباراة من قيمة مباراة الترجي التونسي، هو ما حدث لشبيبة بجاية منذ موسمين لما ارتكبت إدارة الرئيس بوعلام طياب "غلطة العمر" في عهد المدرب شاي، ووافقت على إجراء تربصها الصيفي في فندق قمرت، إذ كان لاعبو الشبيبة ينامون على الرابعة صباحا بسبب الموسيقى الصاخبة والضجيج، وكانت النتيجة أن الفريق سجل أسوء بداية في تاريخه ولم يجمع سوى نقطة واحدة في ست مباريات.
لماذا لم يحجز الترجاويين للأهلاوية والمغاربة في هذا الفندق؟
ويبقى أكثر ما حير المسؤولين وجعلهم يقتنعون أن نية جيرانهم التوانسة لم تكن سليمة، علمهم أن المولودية هو أول فريق يقيم بفندق المرادي قمرت، لأن وفد الأهلي حجزت له في فندق "رمادا قولف" الذي يشبه الشيراتون عندنا وهو هادئ جدا، وحتى الوداد البيضاوي أقام في "بارسيلو" الذي لا يبعد كثيرا عن المرادي، لكن أجواءهما مختلفة تماما، والغريب في الأمر أن مسؤولي الترجي حجزوا في نفس الفندق لوفد بجاية لما تنقل سنة 2009 لمواجهتهم في كأس شمال إفريقيا.