كان كل من أبو نواس وأبوالعتاهية ودعبل الخزاعي، وهم من أعلام الشعر العباسي، في نزهة، وفجأة مرت من أمامهم ثلاث فتيات تلبس كل واحدة منها ثوبا بلون مختلف فأرادوا التندر بألوان الثياب الثلاثة الأبيض والأسود والأحمر، فجادت قريحة كل منهم باللون الذي اختاره،
فقال أبو العتاهية في الثوب الأبيض:
تَبَدَّى في ثياب من بياض بأجفان وألحــاظٍ مِـراض
فقلت له عبرتَ ولم تسلم وإني منــك بالتسليم راض
...
تبارك من كسا خديك وردا وقدك مثل أغصان الريـاض
فقال نعم كساني الله حسناً ويخلق ما يشاء بلا اعتراض
فثوبي مثل ثغري مثل نحري بياض في بيـاض في بياض
وقال دعبل الخزاعي في الثوب الأسود:
تبدى في السواد فقلت بدرٌ تجلى في الظلام على العباد
فقلت له عبرت ولم تسلم وأشمتَ الحسود مع الأعادي
تبارك من كسا خديك وردا مدى الأيـام دام بــلا نفاد
فقال نعم كساني الله حسنا ويخــلق ما يشاء بلا عناد
فثوبك مثل شعرك مثل حظي سواد في سواد في ســواد
وقال أبو نواس في الثوب الأحمر
تبدى في قميص اللاز يسعى عذولي لا يُلقبُ بالحبيب
فقلت من التعجب كيف هذا لقد أقبلتَ في زِيٍ عجيب
أَحُمرة وجنتيكَ كَسَتْكَ هذا أم انتَ صبَغتَه بدمِ القلوب
فقال الشمسُ أهدَتْ لي قميصاً قريبَ اللون من شفقِ الغروب
فثوبي والمُدامُ ولونُ خدي قريب من قريب من قريبِ
اللاز : هو اللون اللازوردي