إِلامَ الخُلـفُ بَينَكُـمُ إِلامــا وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلامـا
وَفيمَ يَكيـدُ بَعضُكُـمُ لِبَعـضٍ وَتُبدونَ العَـداوَةَ وَالخِصامـا
وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَـرَّت عَلى حالٍ وَلا السودانُ دامـا
وَأَيـنَ ذَهَبتُـمُ بِالحَـقِّ لَمّـا رَكِبتُم فـي قَضِيَّتِـهِ الظَلامـا
لَقَد صارَت لَكُم حُكماً وَغُنمـاً وَكانَ شِعارُها المَوتَ الزُؤامـا
وَثِقتُم وَاِتَّهَمتُـم فـي اللَيالـي فَـلا ثِقَـةً أَدَمـنَ وَلا اِتِّهامـا
شَبَبتُم بَينَكُم في القُطـرِ نـاراً عَلى مُحتَلِّـهِ كانَـت سَلامـا
إِذا ما راضَهـا بِالعَقـلِ قَـومٌ أَجَدَّ لَها هَوى قَـومٍ ضِرامـا
تَرامَيتُـم فَقـالَ النـاسُ قَـومٌ إِلى الخِذلانِ أَمرُهُـمُ تَرامـى
وَكانَت مِصرُ أَوَّلَ مَن أَصَبتُـم فَلَم تُحصِ الجِراحَ وَلا الكِلاما
إِذا كانَ الرِمـاةُ رِمـاةَ سـوءٍ أَحَلّوا غَيرَ مَرماهـا السِهامـا
أَبَعدَ العُروَةِ الوُثقـى وَصَـفٍّ كَأَنيابِ الغِضَنفَرِ لَـن يُرامـا
تَباغَيـتُـم كَأَنَّـكُـمُ خَـلايـا مِنَ السَرَطانِ لا تَجِدُ الضِماما
أَرى طَيّارَهُـم أَوفـى عَلَينـا وَحَلَّقَ فَوقَ أَرؤُسِنـا وَحامـا
وَأَنظُرُ جَيشَهُم مِن نِصفِ قَرنٍ عَلى أَبصارِنا ضَرَبَ الخِيامـا
فَلا أُمَناؤُنـا نَقَصـوهُ رُمحـاً وَلا خُوّانُنـا زادوا حُسـامـا
وَنَلقى الجَوَّ صاعِقَـةً وَرَعـداً إِذا قَصرُ الدُبارَةِ فيـهِ غامـا
إِذا اِنفَجَرَت عَلَينا الخَيلُ مِنـهُ رَكِبنا الصَمتَ أَو قُدنا الكَلامـا
فَأُبنـا بِالتَخـاذُلِ وَالتَلاحـي وَآبَ مِمّا اِبتَغى مِنّـا وَرامـا
مَلَكنـا مـارِنَ الدُنيـا بِوَقـتٍ فَلَم نُحسِن عَلى الدُنيا القِيامـا
طَلَعنا وَهـيَ مُقبِلَـةٌ أُسـوداً وَرُحنا وَهـيَ مُدبِـرَةٌ نَعامـا
وَلينا الأَمرَ حِزباً بَعدَ حِـزبٍ فَلَم نَكُ مُصلِحيـنَ وَلا كِرامـا
جَعَلنا الحُكـمَ تَولِيَـةً وَعَـزلاً وَلَم نَعـدُ الجَـزاءَ وَالاِنتِقامـا
وَسُسنا الأَمرَ حينَ خَلا إِلَينـا بِأَهواءِ النُفوسِ فَمـا اِستَقامـا
إِذا التَصريحُ كانَ بِراحَ كُفـرٍ فَلِم جُنَّ الرِجالُ بِـهِ غَرامـا
وَكَيفَ يَكونُ في أَيـدٍ حَـلالاً وَفي أُخرى مِنَ الأَيدي حَراما
وَمـا أَدرى غَـداةَ سُقيتُمـوهُ أَتِرياقـاً سُقيتُـمُ أَم سِمـامـا
شَهيدَ الحَقِّ قُـم تَـرَهُ يَتيمـاً بِأَرضٍ ضُيِّعَت فيهـا اليَتامـى
أَقامَ عَلى الشِفاهِ بِهـا غَريبـاً وَمَرَّ عَلى القُلوبِ فَمـا أَقامـا
سَقِمتَ فَلَم تَبِت نَفـسٌ بِخَيـرٍ كَأَنَّ بِمُهجَةِ الوَطَـنِ السَقامـا
وَلَم أَرَ مِثلَ نَعشِكَ إِذ تَهـادى فَغَطّى الأَرضَ وَاِنتَظَمَ الأَنامـا
تَحَمَّـلَ هِمَّـةً وَأَقَـلَّ ديـنـاً وَضَمَّ مُروءَةً وَحَـوى زِمامـا
وَما أَنساكَ في العِشريـنَ لَمّـا طَلَعتَ حِيالَهـا قَمَـراً تَمامـا
يُشارُ إِلَيكَ في النادي وَتُرمـى بِعَينَي مَن أَحَبَّ وَمَن تَعامـى
إِذا جِئتَ المَنابِرَ كُنـتَ قُسّـاً إِذا هُوَ في عُكاظَ عَلا السَنامـا
وَأَنـتَ أَلَـذُّ لِلحَـقِّ اِهتِـزازاً وَأَلطَفُ حينَ تَنطِقُـهُ اِبتِسامـا
وَتَحمُلُ في أَديمِ الحَـقِّ وَجهـاً صُراحاً لَيـسَ يَتَّخِـذُ اللِثامـا
أَتَذكُرُ قَبلَ هَذا الجيـلِ جيـلاً سَهِرنا عَـن مُعَلِّمِهِـم وَنامـا
مِهارُ الحَـقِّ بَغَّضَنـا إِلَيهِـم شَكيـمَ القَيصَرِيَّـةِ وَاللِجامـا
لِواؤُكَ كـانَ يَسقيهِـم بِجـامٍ وَكانَ الشِعرُ بَينَ يَـدَيَّ جامـا
مِنَ الوَطَنِيَّةِ اِستَبقَـوا رَحيقـاً فَضَضنا عَن مُعَتِّقِهـا الخِتامـا
غَرَسنا كَرمَها فَزَكـا أُصـولاً بِكُـلِّ قَـرارَةٍ وَزَكـا مُدامـا
جَمَعتَهُمُ عَلى نَبَـراتِ صَـوتٍ كَنَفخِ الصورِ حَرَّكَتِ الرِجامـا
لَكَ الخُطَبُ الَّتي غَصَّ الأَعادي بِسَورَتِهـا وَساغَـت لِلنُدامـى
فَكانَت فـي مَرارَتِهـا زَئيـراً وَكانَت فـي حَلاوَتِهـا بُغامـا
بِكَ الوَطَنِيَّةُ اِعتَدَلَـت وَكانَـت حَديثاً مِـن خُرافَـةٍ أَو مَنامـا
بَنَيتَ قَضِيَّةَ الأَوطـانِ مِنهـا وَصَيَّرتَ الجَلاءَ لَهـا دِعامـا
هَزَزتَ بَني الزَمانِ بِهِ صَبِيّـاً وَرُعتَ بِهِ بَني الدُنيـا غُلامـا